احتفت مدينة طنجة، مساء أمس الجمعة، بالنسخة الـ 17 لـ “ليلة الأروقة”، عبر استضافة معرض “الزهد والفن” للتشكيلي المغربي نور الدين مراكشي، الذي استعمل، بدقة وجمالية خاصة، الحروف واستدلالاتها للربط بين الإيمان والفن ومضامين روحانية عميقة.
ففي محراب رواق محمد الدريسي بطنجة، كانت لأحرف الميم والحاء والدال، التي نسجت على مائة لوحة، سطوة دلالية فنية خاصة في بناء عمل فني تقاسم من خلاله نور الدين مراكشي تجربته التعبيرية الخاصة، التي تعكس، وفق تعبير الفنان نفسه، حضور إيحاءات الزهد والتصوف في التشكيل، وتخلق جسورا بين الإيمان العميق بعظمة الله، وتفرد التراث الثقافة الإسلامية والعربية في كل تجلياتها.
واكتشف زوار المعرض التشكيلي ” ASETIK ‘ ART ” للفنان نورالدين المراكشي، الذي يستمر إلى غاية 27 من الشهر الجاري، البعد الفني والوجودي للفن التشكيلي للمبدع في استعمال الحروف العربية بدلالاتها الدينية كعنصر أساسي في قصة محبوكة حاول خلالها الفنان تتبع مسار وحياة الانسان من المهد الى اللحد، مع التركيز على دور الإيمان والقناعات الباطنية في صنع شخصية المخلوق وتهذيب المجتمع.
والأشكال الاستدلالية والرموز التي يجدها المتتبع بين طيات الحروف ومخرجاتها، التي غطت لوحات نور الدين مراكشي، هي مرتبطة بصيغ إبداعية تتشابك فيها المعاني لإيصال رسالة مفادها أن تطور الإنسان، من النشأة إلى الممات، وعبر محطات حياتية ساكنة ومتحركة ومعقدة، هو دليل على عظمة الخالق وعلى السنن الإلهية وما سخره الله للإنسان للتأمل والتبصر.
وما يزيد من تفرد إبداعات نورد الدين مراكشي، الذي يعيش بالمهجر والحاصل على دبلومات عليا في الاقتصاد، هو أن كل ما استعمل في رسم اللوحات هو عبارة عن مواد طبيعية، بدءا من المواد المستعملة في الرسم إلى الورق القابل للتدوير، وذلك بهدف تعميم رسالة إنسانية تحث على احترام البيئة والحد من التأثير السلبي للإنسان عليها، حسب تعبير الفنان في كلمة قصت شريط المعرض.
وأبرزت المديرة الجهوية للثقافة بجهة طنجة- تطوان- الحسيمة، زهور أمهاوش، أن هذا المعرض، الذي حضر حفل افتتاحه جمهور غفير من المثقفين والمبدعين وعشاق الفنون التعبيرية، أن رسالة الفنان نور الدين مراكشي، من خلال أحرف تتشابك وتتداخل في أشكال إبداعية متنوعة تجر القارئ للتأمل، كما أنها تقدم معاني تجر المتلقي إلى الوقوف عند محطات إنسانية متنوعة، لكل واحدة منها دلالاتها وحكمتها.